الصينيون من إيران إلى الخليج
أخطأت تغريدات حماسية الطريق بعد أن استرشدت بمعلومات مزورة، وكعادة الأخبار المكذوبة تكون قد زرعتها جماعات تطلق الطلقة الأولى حتى توجه أو تَحرف نقاشات الفضاء الإلكتروني. قالت: الصينيون قادمون بأموالهم وقواتهم، وإلى الجحيم ترمب وبوتين. بالفعل، الصينيون قادمون، وسيضيفون قيمة اقتصادية وسياسية للمنطقة، إلا أن ترمب وبوتين باقيان ضمن ضرورات التوازن الإقليمي.
الصين ليست مثل أميركا وروسيا، لم يعرف لها سياسة خارجية هجومية، ولا تريد أن تكون طرفاً في الحروب، وتتجنب سياسات المحاور في منطقتنا. مع هذا تبقى دولة كبرى ومصالحها في المنطقة تكبر، وعلى رأسها النفط. المنطقة شريانها الحيوي، ويقلقها أن تقع تحت سيطرة دول إقليمية أو دولية أو فوضى من تنظيمات معادية. والصين، إن كانت بلا موقف، فلا يعني أنها بلا دور، فهي موجودة كقوة اقتصادية، وتسعى لحماية مصالحها من دون أسلحة، كما في باكستان وفي أفغانستان. وسياستها أيضاً براغماتية، ففي الخلاف الأميركي مع إيران بكين لم تساند واشنطن، ولم تتخل عن الاتفاق النووي ورفضت مقاطعة إيران، لكنها، في الوقت نفسه، قررت أن تتخلى عن إيران كمصدر رئيسي لمشترياتها البترولية وأن تتجه للسعودية كبديل. ستكون ضربة موجعة لطهران.
وما روجه البعض عن نحو نصف تريليون دولار ستستثمرها في جزيرتين كويتيين فهي من أكاذيب وسائل التواصل الاجتماعي المنتشرة، وعدا أن المبلغ لا يدخل العقل لمن يفهم لغة الأرقام، فإنها خصصت عشرين مليار دولار فقط لاستثمارها في أكثر من خمس دول في المنطقة. الكذبة الثانية أن الصين تعتزم حماية مصالحها والحقيقة أنها ترفض الانخراط عسكرياً، ولا ترسل سوى سفن للصيد ونقل البضائع. أما النصف تريليون دولار فهو مبلغ خصصته بكين داخل بلادها. والأهم لنا أن الصين تسير نحونا بخطوات ثابتة في سبيل تعزيز التعاون مما يعزز الفرص ويزيد من الخيارات لنا.
نقلا عن الشرق الأوسط